الخلاف الذي تشهده الساحه السياسية الإسلامية بين أفرادها.. ذكرني بهذا الفصل من كتاب "مكانة التربية في العمل الإسلامي" للمفكر الإسلامي/محمد قطب الذي إهتم دائماً بالتربية قبل العمل وبالإصلاح الفكري قبل كل شيء... وددت أن تكون هذه الرسالة لكل من يعمل في الحقل الإسلامي ليقيمه في بلده سواء كان هذا العمل سياسياً أو غيره، فالمبدأ واحد والسبل كثيرة والهدف هو إقامة دين الله كما يُحب.
نظرة سريعة إلى ساحة العمل الإسلامي كشف أن هناك نقصاً في عنصر يٌعدّ من أهم العناصر في العمل الإسلامي، وهو التجرد لله.
ولست أشير بذلك إلى اختلاف وجهات النظر القائمة في الساحة. فالاختلاف في ذاته ليس عيباً، ولا هو –في ذاته- بالأمر الخطير. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يختلفون فيما بينهم، ولكنهم لم يكونوا يفترقون حين يختلفون، وهذا هو لب القصية.
إن المؤسف في ساحة العمل الإسلامي ليس هو اختلاف وجهات النظر، ولكنه التشرذم والتعادي والتخاصم والتنابذ والفرقة.
ولو أن الأمر كان مجرد اختلاف وجهات النظر، فهذا أمر مفهوم من طبائع البشر من ناحية، ومن طبيعة الأحداث التي مرت بالأمة في عهدها الأخير من ناحية أخرى.
فإذا كانت الأمة قد غفت قرنين من الزمان أو أكثر، ثم بدأت تصحو، وتتنبه إلى حالها وإلى ما يحيط بها من أحداث، فمن الأمور التي لا تستغرب أن يقول أناس: طريق الخلاص من هنا، وأن يقول قوم آخرون: لا بل طريق الخلاص من هنا، ويشيرون إلى طريق آخر، وأن يقول قوم آخرون: لا من هنا ولا من هنا، بل من هناك!
ولكن أن يستمر الخلاف طويلا دون أن تتقارب وجهات النظر نتيجة للدراسة والتمحيص، فهذا أمر له دلالة سيئة. ثم الذي له دلالة أسوأ. أن تكون الخلافات مصحوبة بالتشرذم والتعادي والتخاصم والتنابذ والفرقة، فهنا يكمن المرض، وتكمن الخطورة.
وحين نرجع إلى المنهج الرباني المنزل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تتضح لنا أمور.
لقد كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- شديد الانزعاج في بدء الدعوة من الصد الذي قابلت به قريش دعوته، بينما يتوجه هو إليهم بكل الحب أن يهتدوا إلى النور الحق، ويخرجوا مما هم فيه من الظلمات. تدل على ذلك آيات عدة في كتاب الله:
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا | الكهف:6
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ۚ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ ۚ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ | هود:12
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ | الأنعام: 33
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ | الحجر:97
وكان القرآن يتنزل على الرسول –صلى الله عليه وسلم- يسرّى عنه، ويبين له أن هذا ديدن الكفار مع كل رسول، فلا يساوره الحزن من أجل ذلك ولا الضيق مما يلاقيه من كفار قريش:
كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ | الأشعراء: 200،201
كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ | الحجر: 12،13
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ | النحل: 127
ويبين له كذلك أن الهداية بيد الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء وليس بيد أحد، وأن مهمة الرسول –صلى الله عليه وسلم- هي الدعوة إلى الهدى، أما ما يكون من نتائج الدعوة من هداية من يهتدي وضلال من يضل فهو شأن الله وحده، وليس شأن أحد من البشر حتى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ | القصص: ٥٦
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ | يونس: ١٠٠
وَمَا جَعَلَهُ اللَّـهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ * لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ * وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ | آل عمران:126،129
وبهذا التوجيه الرباني المتكرر خف الضيق عن صدر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ولم يعد يحزن على أولئك الذين يصدون عن الدعوة ويأبون الهدى ويعاندونه بالإصرار على الكفر كما كان يحزن في بادئ الأمر ويضيق صدره منهم، وسلّم الأمر كاملاً لله، وإن كان هذا لم يثنه لحظة واحدة ولا درجة واحدة عن بذل الجهد كله في الدعوة، والصبر على الأذى في سبيلها‘ والدأب عليها في كل مناسبة متاحة، بل كان التجرد لله معيناً على بذل الجهد والاستمرار فيه.
ويلاحظ أن السور المكية كلها لم يرد فيها وعد واحد بالتمكين لشخص رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في أثناء حياته، إنما كان يقال له: وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ | الرعد: ٤٠
فأما التمكين لهذا الدين فقد كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- على يقين منه من أول لحظة، حتى والمؤمنون في مكة قليل مستضعفون يخافون أن يتخطفهم الناس كما وصف الله حالهم في سورة الأنفال. فحين ذهب إليه بعض المؤمنين وهو متوسد ذراعه بالكعبة يقولون: ألا تدعو لنا! ألا تستنصر لنا! قال عليه الصلاة والسلام: ((والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب إلى صنعاء لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون)) (رواه البخاري)
أما التمكين لشخصه صلى الله عليه وسلم فلم يرد إلا في السور المدنية:
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ﴿١﴾ لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٢﴾ وَيَنصُرَكَ اللَّـهُ نَصْرًا عَزِيزًا | الفتح: 1،3
وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ | الصف: ١٣
ولهذا دلالته.. فقد أراد الله أن يتجرد قلب الرسول –صلى الله عليه وسلم- حتى من الرغبة البشرية الطبيعية في أن يرى التمكين في عمره المحدود. وتجرد بالفعل، وتمت بذلك صياغة مشاعر الرسول –صلى الله عليه وسلم- للمهمة الكبرى التي أرسل من أجلها، على عين الله وبتوجيهه كما قال عن موسى عليه السلام: وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي | طه: ٣٩ فكانت نفسه –صلى الله عليه وسلم- أعظم نفس خطرت على هذه الأرض، مستوفية كل الكمالات اللازمة للرسالة الخاتمة التي اكتمل بها الدين وتمت بها النعمة. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا | المائدة: ٣
ثم ربى الرسول –صلى الله عليه وسلم- صحابته رضى الله عنهم على التجرد لله، حتى قالت كتب السيرة: ((حتى خلت نفوسهم من حظ نفوسهم))
لقد علم الله أن هذا عنصر شديد الأهمية في أمر الدعوة، فصاغ عليه مشاعر الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-، وعلم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بدوره وأهميتة هذا الأمر، فصاغ عليه قلوب الصحابة رضوان الله عليهم، ليعدهم لحمل التبعة الكبرى.
يعلم الله وهو الحكيم العليم أن الدعوة تحتاج إلى قلوب متجردة لله، ويعلم أن هذا أمر أساسي في الدعوة.
إن النفس البشرية تتنازعها نوازع شتى.. هكذا خلقها الله لحكمة يريدها.
والابتلاء الأكبر هو أيهما يضل الإنسان: نفسه وهواها، أم الله ورسوله؟ : ((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا))
وإذا كان هذا أمرا لازماً لجميع البشر –وهو محور التكليف- فإنه بالنسبة للدعاة من ألزم الضرورات، لأن مهمتهم هي الأعظم، إذ كانوا هم ورثة الأنبياء، وإذ كان النقص في التجرد لله يعود على الدعوة بضرر بليغ.
إن من أكبر المخاطر التي يتعرض لها العمل الإسلامي الخلط الذي يحدث في مرحلة من المراحل في نفس الداعية بوعي أو بغير وعي بين شخصه وبين الدعوة.. فيخلط بالتالي بين ((مصلحة الدعوة)) ومصلحته الخاصة، وبين ما يصيبه هو وما يصيب الدعوة، فيرى –بوعي منه أو بغير وعي- أن ما يكون في مصلحته يصب في مصلحة الدعوة، وأن ما يقع منه الضرر على شخصه يكون ضرراً للدعوة!
بعبارة أخرى يحدث الخلط بين الدعوة وبين ((الأنا)) التي تقوم بالدعوة.
و((الأنا)) لها صور شتى: أنا وجماعتي وأفكاري وأتباعي وأعواني وخصومي ومنافسي ومن يريد أن يكون أبرز مني ومن يريد أن يأخذ مكاني..!
عندئذ يضطرب الميزان في نفس الداعية، وتبرز ((الأنا)) موهمة صاحبها أنه إنما يعمل لمصلحة الدعوة!
هذا الأمر الخطير مؤذِ للدعوة أشد الإيذاء، وهو حادث بالفعل، نتيجة إعجاب كل ذي رأي برأيه، وظنه أن رأيه هو الصواب الذي لا صواب غيره، وأن رأي غيره مجانب للصواب. فضلاً عن تقديرات أخرى تعتمل في النفوس.
ولم يكن هذا ديدن الجيل الذي رباه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على عينه، والذي كان عصره امتداداً لعصر النبوة، وامتداداً للأثر التربوي النبوي، الذي غيّر وجه الأرض. بل لم يكن هذا ديدن علمائنا الكبار في أجيال تالية، فقد كان الواحد منهم يقول: ((قولنا صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب))، فأدوا أمانة العلم، وأمانة الكلمة، وكانوا متجردين لله حقاً.
والمأساة أن أعدائنا يحاربوننا مجتمعين على حربنا، ونحن إزاءهم متفرقون لا تجتمع لنا كلمة، ولا يجتمع لنا موقف.
ولست أقول إننا يجب أن نجتمع ولو على خطأ، فاجتماع مثل هذا –حتى لو أمكن حدوثه- يضر ولا ينفع. ولست أقول كذلك إنه يجب أن ننبذ كل اختلاف في الرأي، ففضلا عن كون هذا غير ممكن في عالم الواقع، فإنه لا يتحقق إلا بمصادرة آراء قد يكون فيها نفع، وقد تثبت جدارتها في جانب من الجوانب. إنما أقول فقط إننا يجب ألا نفترق حين نختلف، ويجب ألا تكون علاقة كل فريق بالآخر علاقة الخصام والتنابذ والتباعد والشقاق.
ولست حالما بحيث أعتقد أن تحقيق هذا الأمر ممكن في القريب العاجل –إلا أن يشاء الله- ولا أن نداءً مني أو من غيري يمكن أن يحققه في القريب العاجل. بل أعتقج أن زمنا طزيلا سيمضي، وجهدا كبيرا سيبذل لكي نصل إلى شيء من ذلك.
ولكني أشير إلى أمرين أراهما أساسيين:
الأول أن هذه ضرورة لا غنى عنها لهذه الأمة.
إن الإسلام يُحارب الآن في كل الأرض، ويراد اجتثاث هذه الأمة من جذورها، ليستريح الأعداء مرة واحدة من عدوهم. ومن أشد ما يساعدهم في مسعاهم الشرير هذا تفرق الأمة وتشرذمها وتباعدها وتخاصمها، وكون هذا حادثاً بين الدعاة أنفسهم، الذين هم عدة الأمة في صد هذه الحرب، وحُداتها إلى الطريق النجاة.
والثاني أنه لا سبيل إلى الوصول إلى الهدف الذي نسعى إليه إلا بالتربية.
يجب على الدعاة أن يربوا أنفسهم أولا، ثم يربوا من يتلقون منهم، على التجرد لله، فهذا هو العلاج الرباني لهذه الآفة التي تصيب البشر حين يغفلون عن الذكر الصحيح لله واليوم الآخر، فتبرز ((الأنا)) وتبرز معها الأهواء المفسدة، التي ما دخلت في أمر إلا أفسدته.
والتربية عمل قد يكون بطئ الثمرة، ولكنه هو العلاج الذي لا علاج غيره. إنها هي التي تربي اليقظه في داخل النفس، بحيث تفرق بين هواتف الرغبة وبين المصلحة الحقيقية، فتتجه النفس إلى المصلحة الحقيقية لا إلى الهوى الرغبة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً | البقرة: ٢٠٨. بكافتكم، وكافة كل واحد منكم، أي بجميع ما يشتمل عليه كيان كل واحد منكم، فإن أي جزئية من كيان الإنسان لا تدخل في هذا السلم يتلقفها الشيطان، الذي يحاول أن يتدسس إلى النفس ليصرفها عن الدخول في السلم الرباني.
ونحن على يقين أن الله سينصر دينه، وسيظهره على الدين كله، لأن هذا وعد رباني، والوعد الرباني لا يتخلف ولا يتحول: يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴿٣٢﴾ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ | التوبة: 32،33
ولكن القضية هي قضيتنا نحن.. أين نحن من موعود الله؟ أنحن الذين رضى الله عنهم فأنار لهم سبيله، ثم شملهم برضوانه، أم نحن –والعياذ بالله- ممن تولوا فاستبدل الله بهم قوما آخرين؟.. وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ﴿محمد: ٣٨﴾
وحين نصحو إلى هذه الحقيقة في داخل نفوسنا فلعل هذا أن يعيننا على أنفسنا، فلا نخلط بين "مصلحة الدعوة" ومصالح "الأنا" التي تتشعب بنا في شتى الاتجاهات، والتي ينتج عنها ما هو قائم اليوم من التشرذم والتباعد والتنابذ والخصام!
نظرة سريعة إلى ساحة العمل الإسلامي كشف أن هناك نقصاً في عنصر يٌعدّ من أهم العناصر في العمل الإسلامي، وهو التجرد لله.
ولست أشير بذلك إلى اختلاف وجهات النظر القائمة في الساحة. فالاختلاف في ذاته ليس عيباً، ولا هو –في ذاته- بالأمر الخطير. وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يختلفون فيما بينهم، ولكنهم لم يكونوا يفترقون حين يختلفون، وهذا هو لب القصية.
إن المؤسف في ساحة العمل الإسلامي ليس هو اختلاف وجهات النظر، ولكنه التشرذم والتعادي والتخاصم والتنابذ والفرقة.
ولو أن الأمر كان مجرد اختلاف وجهات النظر، فهذا أمر مفهوم من طبائع البشر من ناحية، ومن طبيعة الأحداث التي مرت بالأمة في عهدها الأخير من ناحية أخرى.
فإذا كانت الأمة قد غفت قرنين من الزمان أو أكثر، ثم بدأت تصحو، وتتنبه إلى حالها وإلى ما يحيط بها من أحداث، فمن الأمور التي لا تستغرب أن يقول أناس: طريق الخلاص من هنا، وأن يقول قوم آخرون: لا بل طريق الخلاص من هنا، ويشيرون إلى طريق آخر، وأن يقول قوم آخرون: لا من هنا ولا من هنا، بل من هناك!
ولكن أن يستمر الخلاف طويلا دون أن تتقارب وجهات النظر نتيجة للدراسة والتمحيص، فهذا أمر له دلالة سيئة. ثم الذي له دلالة أسوأ. أن تكون الخلافات مصحوبة بالتشرذم والتعادي والتخاصم والتنابذ والفرقة، فهنا يكمن المرض، وتكمن الخطورة.
وحين نرجع إلى المنهج الرباني المنزل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تتضح لنا أمور.
لقد كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- شديد الانزعاج في بدء الدعوة من الصد الذي قابلت به قريش دعوته، بينما يتوجه هو إليهم بكل الحب أن يهتدوا إلى النور الحق، ويخرجوا مما هم فيه من الظلمات. تدل على ذلك آيات عدة في كتاب الله:
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَـٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا | الكهف:6
فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ ۚ إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ ۚ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ | هود:12
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ | الأنعام: 33
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ | الحجر:97
وكان القرآن يتنزل على الرسول –صلى الله عليه وسلم- يسرّى عنه، ويبين له أن هذا ديدن الكفار مع كل رسول، فلا يساوره الحزن من أجل ذلك ولا الضيق مما يلاقيه من كفار قريش:
كَذَٰلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ | الأشعراء: 200،201
كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ | الحجر: 12،13
وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّـهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ | النحل: 127
ويبين له كذلك أن الهداية بيد الله سبحانه وتعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء وليس بيد أحد، وأن مهمة الرسول –صلى الله عليه وسلم- هي الدعوة إلى الهدى، أما ما يكون من نتائج الدعوة من هداية من يهتدي وضلال من يضل فهو شأن الله وحده، وليس شأن أحد من البشر حتى رسول الله –صلى الله عليه وسلم-
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ اللَّـهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ | القصص: ٥٦
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ | يونس: ١٠٠
وَمَا جَعَلَهُ اللَّـهُ إِلَّا بُشْرَىٰ لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ ۗ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنقَلِبُوا خَائِبِينَ * لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ * وَلِلَّـهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ | آل عمران:126،129
وبهذا التوجيه الرباني المتكرر خف الضيق عن صدر رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، ولم يعد يحزن على أولئك الذين يصدون عن الدعوة ويأبون الهدى ويعاندونه بالإصرار على الكفر كما كان يحزن في بادئ الأمر ويضيق صدره منهم، وسلّم الأمر كاملاً لله، وإن كان هذا لم يثنه لحظة واحدة ولا درجة واحدة عن بذل الجهد كله في الدعوة، والصبر على الأذى في سبيلها‘ والدأب عليها في كل مناسبة متاحة، بل كان التجرد لله معيناً على بذل الجهد والاستمرار فيه.
ويلاحظ أن السور المكية كلها لم يرد فيها وعد واحد بالتمكين لشخص رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في أثناء حياته، إنما كان يقال له: وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ | الرعد: ٤٠
فأما التمكين لهذا الدين فقد كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- على يقين منه من أول لحظة، حتى والمؤمنون في مكة قليل مستضعفون يخافون أن يتخطفهم الناس كما وصف الله حالهم في سورة الأنفال. فحين ذهب إليه بعض المؤمنين وهو متوسد ذراعه بالكعبة يقولون: ألا تدعو لنا! ألا تستنصر لنا! قال عليه الصلاة والسلام: ((والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب إلى صنعاء لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون)) (رواه البخاري)
أما التمكين لشخصه صلى الله عليه وسلم فلم يرد إلا في السور المدنية:
إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ﴿١﴾ لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿٢﴾ وَيَنصُرَكَ اللَّـهُ نَصْرًا عَزِيزًا | الفتح: 1،3
وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّـهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ | الصف: ١٣
ولهذا دلالته.. فقد أراد الله أن يتجرد قلب الرسول –صلى الله عليه وسلم- حتى من الرغبة البشرية الطبيعية في أن يرى التمكين في عمره المحدود. وتجرد بالفعل، وتمت بذلك صياغة مشاعر الرسول –صلى الله عليه وسلم- للمهمة الكبرى التي أرسل من أجلها، على عين الله وبتوجيهه كما قال عن موسى عليه السلام: وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي | طه: ٣٩ فكانت نفسه –صلى الله عليه وسلم- أعظم نفس خطرت على هذه الأرض، مستوفية كل الكمالات اللازمة للرسالة الخاتمة التي اكتمل بها الدين وتمت بها النعمة. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا | المائدة: ٣
ثم ربى الرسول –صلى الله عليه وسلم- صحابته رضى الله عنهم على التجرد لله، حتى قالت كتب السيرة: ((حتى خلت نفوسهم من حظ نفوسهم))
لقد علم الله أن هذا عنصر شديد الأهمية في أمر الدعوة، فصاغ عليه مشاعر الرسول الكريم –صلى الله عليه وسلم-، وعلم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بدوره وأهميتة هذا الأمر، فصاغ عليه قلوب الصحابة رضوان الله عليهم، ليعدهم لحمل التبعة الكبرى.
يعلم الله وهو الحكيم العليم أن الدعوة تحتاج إلى قلوب متجردة لله، ويعلم أن هذا أمر أساسي في الدعوة.
إن النفس البشرية تتنازعها نوازع شتى.. هكذا خلقها الله لحكمة يريدها.
والابتلاء الأكبر هو أيهما يضل الإنسان: نفسه وهواها، أم الله ورسوله؟ : ((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا))
وإذا كان هذا أمرا لازماً لجميع البشر –وهو محور التكليف- فإنه بالنسبة للدعاة من ألزم الضرورات، لأن مهمتهم هي الأعظم، إذ كانوا هم ورثة الأنبياء، وإذ كان النقص في التجرد لله يعود على الدعوة بضرر بليغ.
إن من أكبر المخاطر التي يتعرض لها العمل الإسلامي الخلط الذي يحدث في مرحلة من المراحل في نفس الداعية بوعي أو بغير وعي بين شخصه وبين الدعوة.. فيخلط بالتالي بين ((مصلحة الدعوة)) ومصلحته الخاصة، وبين ما يصيبه هو وما يصيب الدعوة، فيرى –بوعي منه أو بغير وعي- أن ما يكون في مصلحته يصب في مصلحة الدعوة، وأن ما يقع منه الضرر على شخصه يكون ضرراً للدعوة!
بعبارة أخرى يحدث الخلط بين الدعوة وبين ((الأنا)) التي تقوم بالدعوة.
و((الأنا)) لها صور شتى: أنا وجماعتي وأفكاري وأتباعي وأعواني وخصومي ومنافسي ومن يريد أن يكون أبرز مني ومن يريد أن يأخذ مكاني..!
عندئذ يضطرب الميزان في نفس الداعية، وتبرز ((الأنا)) موهمة صاحبها أنه إنما يعمل لمصلحة الدعوة!
هذا الأمر الخطير مؤذِ للدعوة أشد الإيذاء، وهو حادث بالفعل، نتيجة إعجاب كل ذي رأي برأيه، وظنه أن رأيه هو الصواب الذي لا صواب غيره، وأن رأي غيره مجانب للصواب. فضلاً عن تقديرات أخرى تعتمل في النفوس.
ولم يكن هذا ديدن الجيل الذي رباه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على عينه، والذي كان عصره امتداداً لعصر النبوة، وامتداداً للأثر التربوي النبوي، الذي غيّر وجه الأرض. بل لم يكن هذا ديدن علمائنا الكبار في أجيال تالية، فقد كان الواحد منهم يقول: ((قولنا صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرنا خطأ يحتمل الصواب))، فأدوا أمانة العلم، وأمانة الكلمة، وكانوا متجردين لله حقاً.
والمأساة أن أعدائنا يحاربوننا مجتمعين على حربنا، ونحن إزاءهم متفرقون لا تجتمع لنا كلمة، ولا يجتمع لنا موقف.
ولست أقول إننا يجب أن نجتمع ولو على خطأ، فاجتماع مثل هذا –حتى لو أمكن حدوثه- يضر ولا ينفع. ولست أقول كذلك إنه يجب أن ننبذ كل اختلاف في الرأي، ففضلا عن كون هذا غير ممكن في عالم الواقع، فإنه لا يتحقق إلا بمصادرة آراء قد يكون فيها نفع، وقد تثبت جدارتها في جانب من الجوانب. إنما أقول فقط إننا يجب ألا نفترق حين نختلف، ويجب ألا تكون علاقة كل فريق بالآخر علاقة الخصام والتنابذ والتباعد والشقاق.
ولست حالما بحيث أعتقد أن تحقيق هذا الأمر ممكن في القريب العاجل –إلا أن يشاء الله- ولا أن نداءً مني أو من غيري يمكن أن يحققه في القريب العاجل. بل أعتقج أن زمنا طزيلا سيمضي، وجهدا كبيرا سيبذل لكي نصل إلى شيء من ذلك.
ولكني أشير إلى أمرين أراهما أساسيين:
الأول أن هذه ضرورة لا غنى عنها لهذه الأمة.
إن الإسلام يُحارب الآن في كل الأرض، ويراد اجتثاث هذه الأمة من جذورها، ليستريح الأعداء مرة واحدة من عدوهم. ومن أشد ما يساعدهم في مسعاهم الشرير هذا تفرق الأمة وتشرذمها وتباعدها وتخاصمها، وكون هذا حادثاً بين الدعاة أنفسهم، الذين هم عدة الأمة في صد هذه الحرب، وحُداتها إلى الطريق النجاة.
والثاني أنه لا سبيل إلى الوصول إلى الهدف الذي نسعى إليه إلا بالتربية.
يجب على الدعاة أن يربوا أنفسهم أولا، ثم يربوا من يتلقون منهم، على التجرد لله، فهذا هو العلاج الرباني لهذه الآفة التي تصيب البشر حين يغفلون عن الذكر الصحيح لله واليوم الآخر، فتبرز ((الأنا)) وتبرز معها الأهواء المفسدة، التي ما دخلت في أمر إلا أفسدته.
والتربية عمل قد يكون بطئ الثمرة، ولكنه هو العلاج الذي لا علاج غيره. إنها هي التي تربي اليقظه في داخل النفس، بحيث تفرق بين هواتف الرغبة وبين المصلحة الحقيقية، فتتجه النفس إلى المصلحة الحقيقية لا إلى الهوى الرغبة.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً | البقرة: ٢٠٨. بكافتكم، وكافة كل واحد منكم، أي بجميع ما يشتمل عليه كيان كل واحد منكم، فإن أي جزئية من كيان الإنسان لا تدخل في هذا السلم يتلقفها الشيطان، الذي يحاول أن يتدسس إلى النفس ليصرفها عن الدخول في السلم الرباني.
ونحن على يقين أن الله سينصر دينه، وسيظهره على الدين كله، لأن هذا وعد رباني، والوعد الرباني لا يتخلف ولا يتحول: يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّـهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّـهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴿٣٢﴾ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ | التوبة: 32،33
ولكن القضية هي قضيتنا نحن.. أين نحن من موعود الله؟ أنحن الذين رضى الله عنهم فأنار لهم سبيله، ثم شملهم برضوانه، أم نحن –والعياذ بالله- ممن تولوا فاستبدل الله بهم قوما آخرين؟.. وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم ﴿محمد: ٣٨﴾
وحين نصحو إلى هذه الحقيقة في داخل نفوسنا فلعل هذا أن يعيننا على أنفسنا، فلا نخلط بين "مصلحة الدعوة" ومصالح "الأنا" التي تتشعب بنا في شتى الاتجاهات، والتي ينتج عنها ما هو قائم اليوم من التشرذم والتباعد والتنابذ والخصام!
0 comments:
أترك تعليقك